Thursday, January 8, 2009

طفلة أسمها غزة



عيناها بريقُ البحر
وخدُها رملَه
شَعرُها ممتدٌ كالتاريخ
ورغم الطفولةِ
في ضفائرها رائحةُ الأم
وقلبها ثورة شعبٍ
وضحكتها...؟
ما عادت تعرف رسْمَتَها
سلبوا منها لعبتها
ومزقوا رمز عفتها

غزة يا طفلةً وُئِدَتْ برائَتُها
يا من زرعوا في عينيك الحزن
يوم إستؤصلت من جسدِ الأرض
أرضكِ أمٌ
تركوها تموت بين مخالب مغتَصِب
وصفوها بكل القبح
وقالوا جزاء خطيئتها
رجموها بذنبٍ لم تفعله
وقالوا عنها راغبةٌ
تتمنع، كي تُشبع لذتها




كبُرتِ غزة بلا أمٍ
وحَمَلت ذنب غاصِبها
وصِرت بعمر الورد
فقالوا عنك... إبنتها
وصفوك بإفكٍ نسجوه
ليُخفوا عورة صَنْعَتِهم
وقالوا تباً لك غزة
كُفْي ودعيه
وليفعل ما يهوى
لا تعبثي مع مغتصب
فدبوس ضفيرتك لن يمنعه
وصراخك يفضحنا
لن تَنجي أبدا بفعلتك
أزعجت الأرض بصرخَتِك
وما عاد صُراخُك يُسمِعنا

غزة صمي آذانك عنهم
لا تُصغي
فأمك رمز تخاذلهم
وأنت أشرف أشرفهم
ثوري غزة إمتنعي
وأقلعي عين مُغتصِب
دبوس ضَفيرتك
ليس بعبثٍ
صمتك ما كان ليمنَعه
والعَبَثُ تقبيل المغتَصِب

Sunday, August 12, 2007

غياب الخطاب وأزمة الخُطب



في كل يوم جمعة يعتلي أئمة المساجد في كثير من أرجاء هذا العالم - من أوله الى ثالثه- منابرهم، لتكرار "خطب" فيها ما فيها من لحن في اللغة، ومبالغة في التعبير، وإحجام عن كل أشكال الثقافة والتثقيف أو الفقه والتفقيه، خطب مبتورة رغم أن "الـبتراء" بينها كشمس حولها أقمار بل ربما أحجار، وعلى مدار الساعة ولسبعة أيام في الاسبوع، نشاهد برامج الوعظ والخطابة على شاشاتنا الصغيرة، مما ساهم بأخذ تلك البرامج والمحطات منحى تجاري وتسويقي، ما بين تبادل "الدعاء" والمنافسة في الإفتاء، ولا ننسى الاف "المطويات" التي توزع على أرواح موتانا، وهي بدورها لا تخلو من الأخطاء والتناقض،...وغير ذلك الكثير من الأساليب الدعوية، في ظل عصر بات الإعلام من أحسن سماته وأسوأ آفاته.

ولا يمكن أن ننكر أن كل ذلك - وأخص الفضائيات- ساهم ويساهم في زيادة "ظاهر" التدين من جهة، والابتعاد عن جوهره من جهة أخرى، وساهم بإظهار ما دفن في بطون أمهات الكتب، التي لم يعد يقرءها أحد، إلا أنه أخفى نهج تلك الكتب وقدرة مؤلفيها على الإختلاف دون خلاف، فبينما أثر الإعلام بشكل واضح في إزدياد أعداد رواد المساجد، إلا أنه وفي الوقت نفسه أظهر الغلو وإحتكار الحق والحقيقة وتهميش الاخر وتخوينه، ليس عند المتلقين لهذه الخطابات وحسب بل بين الدعاة أنفسهم أيضا، و إنحصر التأثير بالكم لا النوع، ولم يؤثر بالسلوك أو الوعي، ولم ينتج ثقافه عامه تؤسس رؤية متنوعه تتحقق بها شمولية تلك الثقافة، ولم ينتج ثقافة مختلفة دون أن تكفِر ذاتها، ولم ينتج ثقافة تؤمن بوحدة مصدرها وتعدد فهمها

السؤال الان، أين الخلل؟ هل هو تدني مستوى الوعظ وركاكة الخطابة وسوء الإنتاج الإعلامي، أم أنه قلة وعي وثقافة الملقي والمتلقي وسطحية الفهم، والتمسك بالقشور دون الجوهر؟ أم أنه غياب "الخطاب الإسلامي" أو إنفصاله عن الدعاة، وإنحصاره في التنظير الفكري الجاف بين دفات كتب على ما يبدو أنها لم تعد تجذب حتى الخطباء أنفسهم؟

من المهم هنا الاشارة الى الفرق ما بين "الخِطاب" بمعنى المفهوم أو الفكر، وما بين "الخُطبة" أو الخِطابة بمعنى الوعظ، وقبل ذلك لا بد أن ندرك أن كلا من الخطاب والخطبة، هي قراءة للنص "الديني" وليست "الدين" ذاته، فالخطاب ليس كلام الله سبحانه، إنما هو الفهم البشري "غير المقدس" لكلام الله تعالى، والاستشهاد بالنصوص لا يعطي لاحد قدسية تلك النصوص

وإختلاط المفهوم ما بين الخطاب والخطبه، ناتج عن أن الثاني أداة للاول، بمعنى أن الفكر "الخطاب" لا يمكن فهمه أو توصيله لذهن المتلقي إلا من خلال كافة أشكال الخطابة، من خطب وبرامج مرئية ومسموعة وكتب ومنشورات...، بمعنى أن أدبيات الخطاب هي الناطق الرسمي بإسمه، وهي المعبر عنه، وبالتالي فإننا نفهم الخطاب من خلالها، ولكن لا يمكن تصنيفها تحت هذا الاطار، الا إذا التزمت هذه الادبيات بنسق الخطاب الذي تعبر عنه، ولو نظريا على أقل تقدير، والخطاب على حد قول د. عبد الوهاب المسيري يقع في ثلاثة مستويات متداخلة في بعضها، أولها "الخطاب الفكري"وهو في الكتب المنهجية المنظرة لهذا الخطاب أو ذاك، وهناك المستوى السياسي للخطاب، وهذا يظهر في أدبيات الحركات الاسلامية التي تأخذ الصبغة الاسلامية وتستنبط مبادئها من الخطاب الفكري، واخرهم الخطاب الجماهيري، الذي من المفترض أن يعبر عنه الجماهير بسلوك حياتهم اليومي، من خلال ممارستهم للعمل السياسي أو من خلال فهمهم للخطاب الفكري

وبالتأكيد فإن ذلك لا ينطبق على ما نسمعه صبح مساء من شيوخنا الاجلاء، وحتما لا نراه بسلوك الجماهير ورفعة اللواء، الذين ينتهجون نهج من يفصل الدين عن الدولة، فيفصلون الدين عن ذاته، ويقتلون روحه، وبذلك يصدرون خطبا تصادر كل أشكال الخطاب ومستوياته، فلا يلتزمون بأي منهج لقراءة النصوص، ويعتمدون على رؤيتهم الشخصية للاشياء بناء على ما ورثوه من عادات وتقاليد، ويقرأون النصوص من خلال ذلك الموروث الذي بأغلبه لا يمت للنص بصلة، أو يقرأونها بشكل مبتور دون وعي للسياق، أو فهم للناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، وغير ذلك من أدوات قراءة النص، ودون التفقه بأشكال الفقه، من فقه للواقع والموازنه والخطاب والأولويات و...، ويتحولون من محافظين الى "حافظين" دون إدراك ما تعيه رؤوسهم، وينقطعون عن ما يفترض أن يشمله الخطاب من تكامل ما بين المستويات الثلاثة، ويتم التعامل مع صيغ الخطاب بشكل مجزأ، حيث تأخذ الأحكام والتشريع دون التربية والاخلاق وتفصل العقيدة عن كلاهما، وكل ذلك ينتج ما نسمعه من خطب لا تعبر إلا عن خطبائها وقلة ثقافتهم وإنحصار فقههم، ولا تنجح الا في إثارة "الجماهير" وإلهابهم دون الهامهم، فتساهم في حرق وعيهم، وإشعال عواطفهم، وتبخير عقولهم، فضلا عن سفك دمائهم

فمعظم ما نسمعه من خطابات، لا تعدو أكثر من كونها قراءة ذاتية شخصية تستخدم نصوص الدين، وتطوعها لخدمة الموضوع، وربما لا تفعل، فتأخذ قدسيتها من قدسية المنبر الذي ينطق بها، فينتج الكثير من الخطب التي تشوه النصوص وتجتزئها وتضعها في غير مكانها، خاصة أن كثيرا ممن تصدر هذا المجال وإن أحكموا الفقه إلا انهم خسروا الحكمة، وتفتقر خطبهم الى غاية الرساله ووسائلها، سواء من حيث الموضوع أو من حيث الاسلوب، كل ذلك أنتج وينتج خطبا نارية، ما تلبث حتى تتحول الى نيران تهتك كل الحرمات وكل النصوص، وأنتج ثقافة إحتكار الصواب الذي يعطي لكل منبر صكوك غفران تأهله أن يرسل شهداءه الى الجنه، ويضع قتلاهم "أي من يخالفه الرأي" في النار. وأنتج ما أنتج من ثقافة الضد والنقض ، بدلا من الإحتواء والنقد، إلا من رحم ربي.

أما الخطاب وإن كان حظه أوفر وأكثر توفيقا باستخدام النصوص وفهمها، فهو غالبا ما بني على معرفة شمولية لنصوص الدين وفهم للواقع، يظهر من خلاله أدبياته ومفاهيمه التي تعبر عنه، ويكون له مفكريه ومنظريه، الذين يحسنون إستخدام اللغة ويملكون الثقافة والحكمة وأدوات الفهم الشرعي، إلا أن ذلك لا يمنع أي خطاب من الخطأ وعلينا ان لا نفترض به العصمه، أو نعطيه قدسية النص حتى وإن أحسن فهمه، لانه قد لايحسن قراءة الواقع الذي بنى عليه، وهذا التنوع بالفهم للواقع هو ما ينتج التنوع والبون في الخطابات الاسلامية رغم وحدة النص، ويضعها في عدة مستويات وإتجاهات ما بين المعتدل والمتطرف، وما بين اليميني السلفي واليساري التجديدي، رغم وحدة المصدر، وأحسب أن هذا ما أشار اليه علي كرم الله وجهه في واقعة صفين: "الكتاب مسطور بين دفتين، لاينطق وإنما يتكلم به الرجال"، وهذه ميزة للخطاب لا عليه، إن أحسنا فهم الاختلاف وأجادنا التعامل معه. فنتواضع قليلا لندرك انه ليس من السهل أن نكون على صواب دائما، ومن المستحيل أن يكون الاخر على خطأ دائما، ولندرك أنه ليس هناك من أحد يمكن أن يمتلك مطلق الصواب

وتبقى أزمة الخطاب أنه إلتزم متون كتب لا يتداولها إلا قليل، وحجب أو إنحجب عنه حملته، ولم يأخذ دوره في الوعي والتربية والسلوك، وكل ذلك ساهم في إنقراضه وضعفه وتشرذمه، فكيف يكون الخطاب خطابا، إذا لم يعبر عنه الناس وتحمله عقولهم، وهل يكون الفكر فكرا، اذا لم يمارس واقعا، فمحاولات النقد والنقض لـ"تلفاز الواقع" لا تجدي نفعا اذا لم يصنع الخطاب واقعا افضل، ولا أظن أن أي شكل من أشكال الخطاب سيصنع واقعا إذا انحصر ما بين "تحديث الاسلام" أو "أسلمة الحداثه"، وإنفصل عن صناعة الحياة ليبقي تابعا لا رائدا، والتزم ردة الفعل لا التأسيس للفعل، وتخلى عن دوره في مسرح الحياة وإنتاجها، ليأخذ مقعدا بين المتفرجين

Monday, June 18, 2007

إلى متى...؟


...قال لي جدي: أنه في البدء كانت تسمى فلسطين، ولم يكن هناك إس...را...ثم كان ما كان

وبدأ صراع عصابات اليهود مع العرب...ثم كبرت العصابات، فصارت إسرائيل، وصغر العرب، فصار صراع الفلسطينيين مع إسرائيل...ولكن ماذا بعد؟ هل نقبل أن يتحول الصراع إلى صراع بقاء ما بين جنون "حماس" الفتحاويين، وتهور "فتح" الحمساويين !!!؟ أم ماذا؟...وإلى متى...بل...إلى أين؟

Saturday, June 2, 2007

حتى ولو تأخرنا... قليلا


إعتذار
أظنها كلمة تحتاج أن تعتذر عن نفسها، فكلماتنا في تبرير أخطائنا تحتاج إلى تبرير، لذا لن أقول لكم سوى أني أتحمل إنقطاع كياني وأتحمل مسؤولية خطأ لم أرتكبه في غياب تعليقاتكم، خلاصة القول هو أني إزدت يقينا بــ "إقرأ تجد... أكتب تكن، وإذا أردت القول فافعل". فيما مضى لم أكتب فلم أكن...ولم أكن فلم أكتب، لا أعلم إن كانت نفسي ستغفر لي تغييب كينونتها، وما يخيفني أكثر هو أن أقف عند حد مقصلة أقوالي فلا أفعل. وأعتذر إليك نفسي كي أكون أجمل

جدل
إذا كنتم تتفقون معي أن الكلام إما أن يكون نصا يكتب أو حديثا يقال، وبهذا هو نتاج قلم أو لسان، الأول مقروء والثاني مسموع، الاول تمتصه العين والثاني يخترق الاذن، فالسؤال هنا هل "الكلمة" فعل!؟، أم أن "السيف يبقى أصدق انباءا من الكتب" كما قيل قديما، وهل صدقا "إن الحروف تموت حين تقال"؟ كما قيل حديثا والملفت أن كلاهما أقوال.
إذا كنا نتحدث عن كون الفعل هو حركة مجموعة من العضلات، فبذلك يمكن أن نعتبر تحريك القلم على الورق أو النقر "على لوحة المفاتيح" فعلا، وكذلك الكلام المقال الذي تتحرك له كل عضلات الوجه وتتقطع له أوتار الحناجر ناهيكم عن إشارات الجسد، وبهذا سيتحول نجوم الشاشتين الصغيرة والكبيره من هاله سرحان الى شعبان أعني "عبد الرحيم" وإن كنت أظنه غنيا عن التعريف، ومن حنان الى جاكي شان، وغيرهم الكثير من أكثر البشر "فعلا" من فعل، وإن كانوا "فعلا" أي بلاشك كذلك، فهم يقتحمون غرف نومنا ويعشعشون في اذاننا وأذهاننا. وأبعد من ذلك فإن النوم في هذه الحالة سيكون فعلا أيضا، فالقلب لا يسكن وخلايا الدماغ لا تهدأ ولا تنفك الرئتان عن التنفس.ولا نتوقف نتقلب ذات اليمين وذات الشمال. وبهذا الاطار فكل حركة هي بالضرورة فعل.

الكلمة
لكن السؤال هنا ليس عن علم الاحياء أو الفيزياء وليس محل نقاش قوانين نيوتن، فالفعل وردة الفعل عند صديقنا متساويان مقدارا متعاكسان اتجاها وهذا مالا ينطبق على الكلام . ففي ثلاث كلمات كانت ثورة الفرنسيين، وبكلمة "أحَدٌ أحَد" تحررعبد سادة قريش ليكون عبدا لـ "واجب الوجود" وشرف بها الى يوم يبعثون، وتحت كلمة إرهاب إستبيحت الحريات، وتحت الحرية إستبيحت المقدسات، وتحت المقدس إستبيح القتل،... وكلنا يعرف أن "الكلمة" نقولها لا نلقي لها بالا تهوي بنا سبعين خريفا في جهنم.

عذرا لك نزار فليس الكلام موتا للحروف، فكلماتنا في الحب تُحي حبنا أن المحبة جنة أزهارها كلمات، وعذرا لك أبا تمام فالصحائف ليست دائما سوداء. فهي الجريمة والعقاب، والبداية والنهاية وهي قوت القلوب، وأفراح الروح، وهي الحب الذي يغمد بيض الصفائح ببياضها ويبقي حمرة القلوب تسامحا "إذهبوا فأنتم الطلقاء" – عليه صلاة الله وسلامه- والكلمة نور بقاء الانسان "لئن بسط إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك..." ليَخلد في أذهان البشر ويُهين الغراب قاتِله، فــ"الكلمة" ليست إلا الروح وما "الفعل" إلا الجسد، فليس هناك روح إن لم يحملها جسد ولا مكان لجسد بلا روح إلا في المقابر، فإما أن تحملها صدور مؤمنه أو نعلقها شعارات مزينه نشوه بها أشجارنا والطرقات، وإما أن تكون كلمة حق عند سلطان جائر وليس "السلطان" هو من يملأ صناديق الاقتراع فقط، فأنت سلطان ذاتك فلا تكن كلمة باطل.

نحن من نقتل كلماتنا أو نحييها، ونحن من يسود صحفنا أو ينقيها، فنحن الكلمة والفعل، فإما أن نكون كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء أو نكون كلمة خبيثة فنجتث من فوق الارض. ونداس كذرها، فلأمر ليس إلا "فعل القول" فينا، فالكلمة هي الايمان والكلمة هي الفرقان وبها نكرم أو نهان.

والان... هل سنقبل أن نكون أبواق ثرثره، وحرب عصابات، وصراع طوائف، ونزاع سلطة، وتكرار لصحافة السلطان أو صحافة معارضيه ، وهل سنكرر "الاتجاه المعاكس" فتضيع البوصلة ونفقد الاتجاه، وهل سنقبل أن نتحول الى مهرجان لا يشاهده أحد، ومهرج يُبكينا ولا يُضحك أحد، أم أننا في زمن باتت فيه الذات أهم من الموضوع والفرد أهم من المجموع والعقل صريعا أو مصروع!...، وهل يعقل أن نلعن الزمان ونكسر الأقلام ونقطع اللسان...؟


الجواب لم يأت بعد... وحتما لن نفعل

Monday, April 16, 2007

حقيقة المعركة

أرجو قراءة المقال المرفق قبل الإطلاع على التدوينة التالية: ماذا يجري في لبنان ؟؟؟
لست ادري أهي كلمة حق أريد بها باطل أم لا، إلا أن ما يتعلق بالحق ليست محل للنقاش فالحقيقة تختلف عما نعرفه عنها، ولكل واحد منا منابعه وأصوله ولكلٍ رؤيته ومنظوره، وكي لا يتحول الإختلاف إلى خلاف عواقبه لا تفيد أحد، وكي نبتعد عن التعصب والإتهامات التي لن تزيدنا الا ضلالا وتضليلا للحق، اثرت أن أبدأ من حيث انتهى كاتب المقال حيث ختم مقاله بسؤال يقول فيه " لماذا هذا المقال الان؟" وأتبع مجيبا: " إنما أردت أن أبين للمسلمين وغيرهم ( حقيقة المعركة )". وأما الظرفية الزمانية لهذا المقال فهي الإمتداد للحقد التاريخي عند هذه الفئة من الناس، والذي يظهر جليا في الأحتلال الامريكي "الشيعي" في العراق وربما في إنتصار أو هزيمة المدعو "حزب الله" في لبنان وكذلك في تهديد الملف النووي الايراني "للمنطقة" بدون ذكر أسماء المهدَدين، وربما كل ذلك مجتمعا،...... ؟! وللإبتعاد عن التكرار أو التقويل سأترك لكم المقال والحكم عليه تأييدا أو إستنكارا فليس هذا ما يعنيني بقدر ما أستوقفني توقيت هذا المقال وغيره الكثير من مواقع الشبكة التي أخذت على عاتقها كشف "حقيقة المعركة" خاصة في ظل هذه الظروف التي على ما يبدو إختلط على الكثيرين وضوح المعركة فيها!!!، وهذا ما دفعني للتعليق فهل صحيح أن إجتماع ما إجتهد الكاتب في سرده وزد عليه ما شئت سيجعل الصفوية "الان" أكثر خطرا من الصهيونية، "والان" أيضا بات النووي الايراني يهدد مصالح "نا" أكثر من النووي الاسرائيلي مع العلم أنه لم يولد بعد وربما لن يفعل، وأنا هنا لا أفاضل بين سيئ بأسوأ ولكن السؤال عن أولويات المقاومة إن كنا فعلا نحرص على دماء هذه الامة، وإن كنا نحترم شهدئنا فأين الحكمة السياسية أو الدينية في ذلك، ولو أجمعنا على تفوق الخطر المجوسي على الصهيوني وأتفقنا جدلا على ذلك – مع أني لن أتفق معكم حتى جدلا- فهل من الصواب السياسي وهل من الصواب الدعووي وهل هناك أي نوع من الصواب في إثارة النزعة العدائية لعدو يتربص بنا رغم أنه يدعي صداقتنا "كذبا" فنتهمه بالنفاق "والتقية" مع أننا نقر بأننا أكثر حاجة منه للتقية فهو قاب قوسين أو أدنى من إمتلاك سلاح مدمر، وهو حليف العدو الأكبر أمريكا وإن كانت وسائل إعلامه صبح مساء تصف أمريكا هذه بأنها الشيطان الأكبر؟!!!، على أية حال ليس هناك ما هو مستغرب فالتاريخ بشكل عام و الحديث منه بشكل خاص علمنا جيدا أن لا نثق بأحد. كل ما هو مطلوب هو إعادة السؤال عن حقيقة المعركة، فهل أولوياتنا وأولويات مفكرينا وأخص الإسلاميين منهم ردم إنفصام مرجعياتنا الدينية والسياسية أم لوم الاخرين على ولائهم لمرجعيتهم، هل من الأولى أن نلوم أنفسنا على تشرذم صواب مذهبنا أم لومهم على تمسكهم بالمذهب "الخطأ"، هل من الضروري أن نسمي إستشهاد إبنه "مؤامرة" كي نمجد إستشهاد أبنائنا، هل نلومهم على تاريخهم أم علينا التوقف عن تكرار تاريخنا، هل نستعين بأعدائنا لسحقهم وكيف نفعل إن كنا نؤمن أن عدونا حليفهم، بل لا يفعل إلا ما هو بعضا من مكرهم،...لست أدري...فلنعد السؤال مرة أخرى. ولكن...... ما أعرفه جيدا أننا حتما لن نؤمن بمذهبهم ومن المهم جدا أن نؤمن بمذهبنا قبل فوات الاوان وأن نكف عن ما يثير الفتن وزرع الضغينة التي لن تؤدي إلا الى جبال من جماجم وأنهر من دماء.

حرب الشماعات

عملا بالمنهجية العلمية إسمحو لي أن أبدأ بتعريف الشماعة على الصعيدين اللغوي والإصطلاحي، أما لغة: فالشماعة هي واحدة من عناصر الفرش في بيوتنا وتستخدم بغرض تعليق الملابس سواء الملابس الثقيلة عند دخولنا البيت أو الملابس الخفيفة في غرفنا الخاصة ومن الملفت فإن التعريف اللغوي لا يخلو من المصطلحات الحربية أيضا وكأن الملابس كأنواع السلاح تقسم الى ثقيلة وخفيفة...طبعا هناك ملابس الدمار الشامل والتي ربما نتحدث عنها في مقام آخر، ويذكر أن الشماعات تختلف من حيث النوع والحجم والتصميم، وتختلف تبعا لمستخدمها، فلو نظرنا إلى الشماعات في بيوت الطلبة سنكتشف أنها تحولت الى خزانة ملابس حُملت أكثر من طاقتها، بينما يختلف الأمر في بيوت "العَدَل"، فبالكاد نجد عليها قطعة أو قطعتين من العيار الخفيف. والشماعة إصطلاحا: هي ليست شيئا ماديا أو ملموس ولكن أخذت تسميتها من الناحية الوظيفية فهي ما نعلّق عليه أخطائنا أو ما نبرر به إخفاقنا، وأشتهر هذا المصطلح "فلسطينيا" ضد الإحتلال أو بشكل أدق ما كان يسمى إحتلال، فبات الشماعة لكل إخفاقاتنا الثقيلة والخفيفة وأصبح إخفاق الطالب في دراسته وإخفاق الأب في تربية أبنائه وإخفاق الزوجة في تربية زوجها يحمل الإحتلال وزره، ولم تعد إلتزاماتنا ملزمة وانتهكنا كل أنواع الجداول الزمنية والمكانية، وبذلك تحولت شماعة الإحتلال شبيهة بشماعة بيوت الطلبة وعلّقنا عليها كل ملابسنا ولم نبقي ما يستر عورتنا. إلا أن الأمر لم يطول فظهرت صحوة في علم التعليق والشماعات وبدأ إبتكار شماعات جديدة ولكن لا حاجة لنا بها هذه المرة فكما قلت لم يبق علينا ما نعلقه ولكنا كخبراء في التعليق رفضنا التنازل عن المهنة ولم نكترث لإختلاف إسم الشماعة وإختلاف إسم المعلق عليها وأصبحنا نعلق أسلحة الأحتلال الثقيلة على أنفسنا وبدأنا نسمع عن ردود فعل الإحتلال البريئة ضد ما تقوم به المقاومة عفوا "الإرهاب" وبُرئ العدو - الذي لم يعد عدوا- من جرمه على أيدينا. ولكن بعد وقت قصير كسرت شماعة الارهاب من ثقل ملابس العدو العسكرية، ولكن خبرتنا السابقة ساعدت على تنوع ابتكارات الشماعات فظهرت شماعة الرئاسة وشماعة الحكومة وظهرت الشماعة الأكثر إبداعا وعرفت بالإقتتال الداخلي وهذه الأخيرة وجدت صدى عربيا واسعا ...كيف لا وقد كان لهم الدور الأكبر في تصنيعها وبادروا بإفتتاحها وبدأوا بتعليق تخاذلهم عليها، فهدم ثالث الحرمين ما كان ليكون لولا إقتتال الفرقاء وجدار المهزلة سببه إختلاف برامج الفرقاء، وحتى الإحتلال نفسه ما كان ليستمر لولا إراقة الدم الفلسطيني الفلسطيني، وتستمر مهزلة البحث عن العذر المؤقت للفعل المؤقت فنسينا الأرض والشعب وتركز جهدنا على ابتكار الشماعات وأنواعها لنُـلبسها كل ما نملك فلم يعد لنا ما يستر ماء وجهنا وتحول القضية إلى حرب شماعات مهلهلة يكون التعليق عليها أكثر إخفاقا مما يعلّق وتكون فيه الحجة أقبح من الذنب.
مهما أصبنا في أعذارنا أو أخفقنا ستبقى أعذارا وسيبقى الإخفاق إخفاقا ولن يبرره شيء. لذا لا بد لنا أن نكف عن التبرير وأن نحسن العمل ولن يصدّقنا أحد إن ادعينا المثالية كل ما هو مطلوب الاعتراف بالخطأ وتحمل مسؤولية إخفاقاتنا وسوء تخطيطنا وفوضى بيوتنا التي إمتلأت بشماعات ملابسنا المتسخة.

ومن التقبيل ما قتل

ربما بات هذا هو سلاح المقاومة الواقعية الأخير بعد أن أفقدوا المقاومة شرعيتها وكل وسائل الإحتجاج السلمية وغير السلمية وبعد أن أحبطت كل أنواع المقاطعة من الثقافية إلى التجارية وبات المعترض على حماقة الشرعية الدولية كمن سب هُبل الجاهلية
فبمناسبة مولود الآنسة رايس الجديد الذي تعثرت ولادته قليلا وتحولت الى عملية قيصرية، كان لا بد من إبتكار أسلوب مقاومة أكثر واقعية ،وأكثر شرعية وبدأ الأمر بمدح طفل لم يولد، حتى دنست سيادتها تراب البلاد وغمت بال العباد، وكان لسان حال المقاومين الجدد الذين طال شوقهم للقاء يقول "أن تأت متاخرا خير من أن لا تفعل"، أليس هذا ما نبرر به تأخر من نحب؟!؟، "وهذا أيضا ما أبرر فيه تأخري عن التدوين وإن كنت أظنكم تتمنون أن أرحمكم ولا أفعل..؟" ، إلا أنه إلتزاما بثوابت المقاومين الجدد وحفاظا على صحة المولود الجديد لا يمكن أن نعكر مزاج سيادته وسيادتهم بهذه الأوصاف فكان اللقاء مختلفا
طبعا وبسبب ذكاء "الإدارة الأمريكية" المعهود رغم حداثة الإسم الذي نصبها مديرا للكون فقد عمدت كما عودتنا منذ مدة أن تختار ممثلي خارجيتها من الجنس اللطيف.... "ويا لطيف"، فقبل الأخيرة رايس كانت أولبرايت وأستبدل الذي هو أسخم بالذي هو أدنى او بالعامية "بدلو عجولها بقرودها"!؟ فلا يعقل ان هذه الإدارة التي استطاعت أن تدير العالم والتي تسيطر على مقدرات الأرض لا تستطيع أن تستعير ممثل"ممثلة" تسّر الناظرين على الأقل عشان برستيج البلد، ولا يعقل أن سياستها الخارجية تناقض الداخلية في هذه أيضا...!، فالتعامل مع هوليوود لا يكون إلا لإستعارة حكام الولايات او حكام البيت الأبيض..؟ ،إلا أني أظن أن حبكهم للشرق الأوسط الجديد هو ما دفعهم لذلك، فلا يمكن أن تضحي بنجمات هوليوود أمثال انجيليا وبرتني ونيكول...ولائحة طويلة لا يتسع المقام لها خوفا عليهم من لفحة برد أو لفحة حر.....أوبشكل أدق خوفا عليهم من لفحات التقبيل التي يسارع إليها "المقاومون الجدد" من رؤساء العالم الثالث.
إلا أن ذلك لن ينجح مع هؤلاء المقاومين الشرسين الذين أعلنوا ديمقرطيتهم وحبهم للسلام ورفضهم الشكل الكلاسيكي للمقاومة وشعاراتها التي أماتت الناس جوعا، كمحاولة منهم لإحباط مخطط الإدارة الذكي كقنابلها وأقسموا أنهم لو أرسلوا ممثلة على أبشع شكل رجل منهم لن يجرّدهم ذلك من السلاح الشرعي المتبقي للمقاومة وسيفشلون ذكائها ولن يمنعهم ذلك من قتله عناقا او لفحه تقبيلا او سحقه حبا. كيف لا... وإدارة ذلك العدو لا تتوقف عن هتك العورات واغتصاب الحرمات
وأعلنوا انهم على ثوابت "آل ياسر" رحمه الله، فهو أول من تسلّح بذلك السلاح حتى كثر قدحه وتسلّط النقاد عليه، إلا أن مقاومين التقبيل على ما يبدو لن يتركوا قادحا أو مادحا ولن يبقوا لهم محاسنا يذكرون بها ،فلم يفهموا بعد أن الشفاه التي تتشرف بتقبيل رؤوس الشهداء وجبارة كسور أقدام المصابين، لها شأن أكبر من ظاهرها، ولم يتعلموا أن التقبيل ليس كالموت واحد، فشتان بين طهر تقبيل الشهيد ودنس تقبيل قاتله

قبل أن ننسى ...إذا كنا حقا لم نفعل

كثيرا ما تختلف أذواقنا والألوان التي نحب او المأكولات المفضلة، ولا يمكن أن ننكر اختلاف الأفكار وفهمنا للحياة والموت وما بعده أو الطبيعة وما فوقها، ولكن أن نختلف على "وطن" فهذا امر يحتاج منا وقفة وربما نحتاج أن نعود قليلا الى الوراء. ربما ليس الإختلاف على الوطن -ومعاذ الله أن يكون- إنما هو إختلاف الرؤية والبرامج، الرؤية التي لا نظر فيها والبرامج التي نسينا ماهيتها وأضعنا لغة برمجتها لتكون مرة بالدم وأخرى في خطف أو إقتحام، ولم نعد نعلم كيف تشكلت هذه البرامج لتكون مادة إختلاف على المتفق عليه أو ما يسمى بالساحة الفلسطينية بالثوابت بدل أن تعزز قوة الاختلاف ضد المتفق عليه، وكيف تحولت هذه البرامج الى طرفي نقيض بين تحرير ألارض وتحرير الرغيف، وبين ألاسرى واللجوء والحدود وعروس عروبتنا -إن بقي فينا شيئا منها- وما بين برامج التموين وميزانيات التعليم والصحة ورواتب الموظفين...وبين عشرات الثوابت التي بتنا نسقطها واحدا تلو الاخر. وأعطينا مادة ساخنة للإعلام الذي لم يكن ببراءة الذئب من قميص يوسف، فتحول من الحديث عن "قضية" باتت غنية عن أل التعريف الى الحديث عن حوار داخلي ما يلبث الى أن يتحول الى صراع، وغاب مشهد إغتصاب الأرض والانسان الى مشهد محاولة محكامة لواحد لم يفعل الا ما ربي عليه، وبتنا نتغنى بحسن حكومته التي تعاقب الكريم قبل الحقير وغض الطرف عن بشاعة فعلها الذي هو من بشاعة وجودها الذي أسميناه أمرا واقعا. فشاع الحديث عن الموضوعية والواقعية والشفافية والرأي والرأي الاخر وكل ما لم ينزل الله به من سلطان مما نسمعه من مصطلحات أفرغت من محتواها لتتحكم بأقوالنا وأفعالنا وراحت تسيطر على مشاعرنا ورغباتنا وتفتك في حبنا لذواتنا ألم يأن لنا أن نحترم معاجم لغتنا لنفهم أن الواقعية ليست الخضوع والموضوعية لا تكون بالكذب والرأي والرأي الاخر لا بد أن يترجمه الفعل والفعل الاخر، وأن الإحتكام للشعب يجب أن لا يكون إلا للشعب لا للشغب وقياداته، ألم يأن للإعلام أن يكون عزيز مصر ولو متأخرا ليخرج يوسف من أسر التحريض والتحريض المضاد، وليسلط الضوء على اختلاف الوقائع لا على خلاف اصحابها وان يكون راعيا لدم الشعب وصوته لا منبرا للفتن، ام ان الاعلام السياسي شأنه لا يختلف عن إعلام الواقع الذي لا هم له إلا أعداد مشاهديه والمصوتين له. وربما سيتحول شريط الانباء الى شريط مراسلات عشاق السياسة المتنازعين. وكي يتحول نقدنا من التجريح الى التصحيح، علينا ان نعترف اننا جميعا نحتمل الصواب والخطأ وأن لكل منا قدر من الصواب يوازيه قدر من الخطأ، واننا لا ننظر لنفس الوجه في الورقة فلنعمل معا ليكون صوابنا أكثر ولنعمل معا حتى يكون الواقع اجمل. ولنختلف دون نزاع ولننه التفاضل وإشتقاق انفسنا بحثا عن التكامل فينا

يبقى السؤال ....لماذا ندوّن؟؟؟

سؤال عن معنيين، فهو سؤال عن الغاية وسؤال عن الموضوع......هل نفعل ذلك لأننا نريد أن نعترض وحسب أم أننا نريد ان نكون أم أنها الرغبة في إعلاء صوتنا في عالم لا يسمع إلا صوت الغطرسة. هل نفعل ذلك لأننا نؤمن "بأن غيوما لا ترى الشمس تنسى أنها هي التي تحجبها" فلا نريد أن نكون تلك الغيوم أم أنه فعلا " قوة المنطق لا تغني عن منطق القوة"، ام اننا مللنا الحكمة والحكماء، وأرهقتنا الأيدولوجيا، واتعبتنا الجغرافيا، وصراعات العرق والمذهب والطبقات هل ندون لأننا نكره السلطان ونكره الفشل والإخفاق ونريد أن نصحح الأخطاء، وهل حقا ليس هناك ما يخيفنا من تكرير نفس الأخطاء ولو بشكل مختلف، وهل استطعنا فعلا أن ننتصر على الفشل دون أن يغرينا تسلط السلطان هل سندون لفلسطين القضية أم لنزاع سلطة يوشك أن يضيعها، سندون لعراق ينزف مواطينه، وهل سنصفق للقطب الواحد ورأس المال وحكم الشركات، أم أننا سنظل نبكي إسلاما تشوه ويسارا تمزق...، أم سنبقي الأمل والألم وسنبقي عشق الارض واختلاف البشر كل ذلك وألف ألف "هل" تهلهل كياناتنا صبح مساء، ربما نعم من أجل كل ذلك سنعمل وربما... ويبقى الاكيد هو وجودنا على قيد الارض الذي يلح علينا بأهمية الدور مهما كنا نظن أو مهما ظن البعض أنه تافه .......وليبقى السؤال .لكي نكون أفضل