Monday, April 16, 2007

حرب الشماعات

عملا بالمنهجية العلمية إسمحو لي أن أبدأ بتعريف الشماعة على الصعيدين اللغوي والإصطلاحي، أما لغة: فالشماعة هي واحدة من عناصر الفرش في بيوتنا وتستخدم بغرض تعليق الملابس سواء الملابس الثقيلة عند دخولنا البيت أو الملابس الخفيفة في غرفنا الخاصة ومن الملفت فإن التعريف اللغوي لا يخلو من المصطلحات الحربية أيضا وكأن الملابس كأنواع السلاح تقسم الى ثقيلة وخفيفة...طبعا هناك ملابس الدمار الشامل والتي ربما نتحدث عنها في مقام آخر، ويذكر أن الشماعات تختلف من حيث النوع والحجم والتصميم، وتختلف تبعا لمستخدمها، فلو نظرنا إلى الشماعات في بيوت الطلبة سنكتشف أنها تحولت الى خزانة ملابس حُملت أكثر من طاقتها، بينما يختلف الأمر في بيوت "العَدَل"، فبالكاد نجد عليها قطعة أو قطعتين من العيار الخفيف. والشماعة إصطلاحا: هي ليست شيئا ماديا أو ملموس ولكن أخذت تسميتها من الناحية الوظيفية فهي ما نعلّق عليه أخطائنا أو ما نبرر به إخفاقنا، وأشتهر هذا المصطلح "فلسطينيا" ضد الإحتلال أو بشكل أدق ما كان يسمى إحتلال، فبات الشماعة لكل إخفاقاتنا الثقيلة والخفيفة وأصبح إخفاق الطالب في دراسته وإخفاق الأب في تربية أبنائه وإخفاق الزوجة في تربية زوجها يحمل الإحتلال وزره، ولم تعد إلتزاماتنا ملزمة وانتهكنا كل أنواع الجداول الزمنية والمكانية، وبذلك تحولت شماعة الإحتلال شبيهة بشماعة بيوت الطلبة وعلّقنا عليها كل ملابسنا ولم نبقي ما يستر عورتنا. إلا أن الأمر لم يطول فظهرت صحوة في علم التعليق والشماعات وبدأ إبتكار شماعات جديدة ولكن لا حاجة لنا بها هذه المرة فكما قلت لم يبق علينا ما نعلقه ولكنا كخبراء في التعليق رفضنا التنازل عن المهنة ولم نكترث لإختلاف إسم الشماعة وإختلاف إسم المعلق عليها وأصبحنا نعلق أسلحة الأحتلال الثقيلة على أنفسنا وبدأنا نسمع عن ردود فعل الإحتلال البريئة ضد ما تقوم به المقاومة عفوا "الإرهاب" وبُرئ العدو - الذي لم يعد عدوا- من جرمه على أيدينا. ولكن بعد وقت قصير كسرت شماعة الارهاب من ثقل ملابس العدو العسكرية، ولكن خبرتنا السابقة ساعدت على تنوع ابتكارات الشماعات فظهرت شماعة الرئاسة وشماعة الحكومة وظهرت الشماعة الأكثر إبداعا وعرفت بالإقتتال الداخلي وهذه الأخيرة وجدت صدى عربيا واسعا ...كيف لا وقد كان لهم الدور الأكبر في تصنيعها وبادروا بإفتتاحها وبدأوا بتعليق تخاذلهم عليها، فهدم ثالث الحرمين ما كان ليكون لولا إقتتال الفرقاء وجدار المهزلة سببه إختلاف برامج الفرقاء، وحتى الإحتلال نفسه ما كان ليستمر لولا إراقة الدم الفلسطيني الفلسطيني، وتستمر مهزلة البحث عن العذر المؤقت للفعل المؤقت فنسينا الأرض والشعب وتركز جهدنا على ابتكار الشماعات وأنواعها لنُـلبسها كل ما نملك فلم يعد لنا ما يستر ماء وجهنا وتحول القضية إلى حرب شماعات مهلهلة يكون التعليق عليها أكثر إخفاقا مما يعلّق وتكون فيه الحجة أقبح من الذنب.
مهما أصبنا في أعذارنا أو أخفقنا ستبقى أعذارا وسيبقى الإخفاق إخفاقا ولن يبرره شيء. لذا لا بد لنا أن نكف عن التبرير وأن نحسن العمل ولن يصدّقنا أحد إن ادعينا المثالية كل ما هو مطلوب الاعتراف بالخطأ وتحمل مسؤولية إخفاقاتنا وسوء تخطيطنا وفوضى بيوتنا التي إمتلأت بشماعات ملابسنا المتسخة.